الجمعة، 24 يونيو 2011

فراق ليس يشبهُه فراق
------------
أنسيتم الموت أيّها المسلمون
الدنيا قد آذنت بالفِراق، فراق ليس يشبهُه فراق، قد انقَطع الرجاءُ عنِ التلاق ، وَالْتَفَّتْ السَّاقُ بِالسَّاقِ إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ
فطوبى لمن فرَّ من مَواطِن الرِّيَب ومواقِع المقتِ والغضَب ، مستمسِكًا بدينه ، عاقدًا عليه بكِلتا يدَيه ، قد اتَّخذه من الشّرور ملاذًا ومن الفِتنِ مَعاذًا .
ويا خسارَة من اقتَحَم حِمى المعاصي والآثام ، وأَرتعَ في الموبقاتِ العِظام ، وأحكَم عَقدَ الإصرارِ على الذنوبِ والأوزار .
هلك المصِرّ الذي لا يُقلِع ، وندِم المستمرُّ الذي لا يَرجِع ، وخابَ المسترسِلُ الذي لا ينزِع .
( وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ ) .
( الحجرات : 11 ) .
وما أقبحَ التفريطَ في زمن الصِّبا فكيـف به والشيبُ نازل ؟!
ترحــل عن الدنيا بزاد من التقـى فعمرك أيام تعد قلائل
أيها المسلمون
الموتُ في كلّ حين ينشُر الكفنا ، ونحن في غفلةٍ عمّا يُراد بِنا .
سهوٌ وشرود ، وإعراضٌ وصدود
( إِنَّ الإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُود ) .ٌ
كم شيّعنا من الأقران ، كم دفنّا من الإخوان ، كم أضجعنا من الجيران ، كم فقدنَا من الخِلاّن .
فيا مَن يُقصدُ بالموت ويُنحَى، يا من أسمعته المواعظُ إرشادًا ونُصحًا
هلاّ انتهيتَ وارعَوَيت ، وندمتَ وبكَيت ، وفتحتَ للخير عينَيك ، وقُمتَ للهُدى مَشيًا على قدمَيك ، لتحصُل على غايةِ المراد ، وتسعَد كلَّ الإسعاد
فإن عصيتَ وأبيت وأعرضتَ وتولّيت حتى فاجأك الأجل وقيل : " ميْت "
فستعلم يومَ الحساب مَن عصَيت ، وستبكي دمًا على قُبح ما جَنيتَ
( يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى يَقُولُ
يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي )
(وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً )
( يَا وَيْلَتِي لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلاً لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنْ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولاً )
أيّها المسلمون
أين مَن بلَغوا الآمال ؟!
أين من جمَعوا الكنوز والأموال ؟!
فاجأهم الموتُ في وقتٍ لم يحتسبوه ، وجاءهم هولٌ لم يرتقِبوه ، تفرّقت في القبورِ أجزاؤُهم ،
وترمّل من بعدهم نساؤهم ، وتيتّم خلفَهم أولادُهم ، واقتُسِم طريفُهم وتِلادهم ، وكلُّ عبدٍ ميّت ومبعوث ، وكلُّ ما جمَّع متروك وموروث .
يا مَن سينأى عن بَنيه كما نأى عنه أبوه ، مثِّل لنفسِك قولَهم :
جاءَ اليقينُ فوجِّهوه وتحلَّلُوا من ظلمه قبل الممات وحلِّلوه
مثّل لنفسك قولَهم :
جاء الأجلُ فأغمضوه وغسِّلوه وكفِّنوه وحنِّطوه واحملوه على أكتافكم وادفنوه
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( إذا وُضِعت الجنازةُ فاحتمَلها الرجال على أعناقهم ، فإن كانت صالحةً قالت : قدّموني قدّموني ، وإن كانت غيرَ صالحة قالت :
يا ويلَها أين تذهبون بها ؟! يسمَع صوتَها كلُّ شيء إلا الإنسان ، ولو سمعها الإنسان لصعق) . أخرجه البخاري.

ليست هناك تعليقات: